Your Cheap Herd Position #العصف_الذهني ما هو موقعك في قطيع الأغنام

حمل صغير في قطيع من الأغنام
انتابته بعض التساؤلات بشأن المستقبل
و أراد أن يستفسر عنها
فذهب لأحد النعجات الكبار و سألها كيف هو المستقبل ؟ و ما هو دوري فيه؟

ردت عليه النعجة  و هي تمضغ بعضا من "القيصوم" و قالت بهدوء : انتاج الصوف و اللبن طبعا انظر كم هو صوفي جميل و طويل ...

- و ماذا تستفيدين من هذا الصوف و اللبن المحلوب ؟

ابتلعت النعجة القيصوم الممضوغ و قالت بدهشة : و هل هذا يحتاج إلي سؤال ؟ كلما أنتجنا صوفا و حليبا أفضل كلما شجع ذلك راعينا "راعي الأغنام" أن يختار لنا أماكن أفضل نأكل و نمرح فيها .. ثم نظرت إليه نظرة فاحصة و قالت : لا أعرف إن كنت ستنتج صوفا و لبنا أم لا فربما تكون خروفا و تنتج صوفا فقط و تقود هذا القطيع في يوم من الأيام .. هل أنت نعجة أم خروف ؟

نظر إليها الحمل بتعجب بالغ ثم ثبت "ليته" الصغيرة حتي لا تذهب يمينا أو يسارا و رفع ذقنه لأعلي حتي لا تظهر رأسه الخالية من القرون و قال : لا أعرف بعد .. هل هذا ضروري ؟

قالت له النعجة بمنتهي الثقة و هي تلتقم لقمة أخري من القيصوم : تببعاااا  .. لابد أن تعرف من أنت حتي يمكنك تحديد أهدافك

رد عليها الحمل و قد زادت حيرته : هل أسأل الكبش قائد القطيع ؟

قالت له و هي تحرص علي انخفاض صوتها حتي لا يسمعها الكبش : لا .. فهو مزاجه متعكر دائما و لا يعرف إلا النطح .. يمكنك الذهاب إلي الكلب و برغم إنه شرس مع الذئاب إلا إنه لطيف معنا دائما حتي أنني أتذكر أنه لحس وجهي في يوم من الأيام لا أدري لماذا لكنني ما زلت أتذكر "لطافة" هذه الحركة

ذهب الحمل يبحث عن الكلب و هو متردد فنباح الكلب دائما مخيف برغم "لطافة" الكلب المشهورة !!
و بعد فترة ليست بالقصيرة وجد الحمل الكلب نائما تحت ظل شجرة و الأغنام جالسة تحت الشمس و لا يجرؤ أحد منهم أن يستظل بجواره برغم أن الظل كبير !!

لم يكد الحمل يقترب حتي فتح الكلب عينه نصف فتحة و رآه يقترب فرفع رأسه و فتح فمه لأقصي اتساع و هو يقوس لسانه بطريقة الكلاب المعروفة عند الاستيقاظ من النوم و وقف علي قدميه يستقبل الحمل القادم و بادره بالسؤال بنبرة حازمة : هل أنت تائه ؟ أين أمك النعجة ؟

رد عليه الحمل بنبرة حاول أن يستجمع فيها شجاعته : أنا لست تائها و إنما جئت لأسألك بعض الأسئلة

صدم الكلب لبرهة من كلام الحمل و إن كان هذا لم يظهر عليه و أدار ظهره للحمل في حركة بدت تلقائية و هو يقول له : الوقت الآن غير مناسب لذلك سأسمح لك بالقليل من الأسئلة حتي لا تعطلني .. حسنا ما هي أسئلتك و كن مختصرا و سريعا في نفس الوقت

قال الحمل في براءة : ألن تلحس وجهي ؟

قال الكلب في دهشة و قد ارتفع أعلي عينيه بما يشبه حركة الحواجب : و لم ألحس وجهك؟

- يقولون إنك لطيف و علامة لطافتك أنك تلحس وجه من تحدثه

اعتدل الكلب في جلسته و ارتفعت أذناه و خرج لسانه و سال لعابه : حقا ؟ هل يقولون عني هذا ؟ هل أنا لطيف بالفعل ..... ؟

توقف الكلب فجأة عن أسئلته عندما اكتشف أن وقاره المرسوم قد اهتز ثم قال : ما هو سؤالك ؟

رد عليه الحمل بهدوء : سؤالي هو:  كيف هو المستقبل ؟ و ما هو دوري فيه ؟

أدخل الكلب لسانه و رد في صرامة : المستقبل ملئ بالتحديات و خصوصا في وجود الذئاب التي أتولي أنا حمايتكم منها و لذلك لا بد أن تأخذ حذرك جيدا و تكون دائما في نطاق القطيع و كلما زاد التزامك بالتعليمات و الأوامر ، ربما تكون هناك فرصة لتكون كلبا مثلي حارسا للقطيع

رد الحمل باستغراب : و هل يمكن أن أكون كلبا ؟ يقولون لي أنني لا يمكن أن أكون إلا نعجة أو خروف !!

- و هل أنت نعجة أم خروف ؟

- لا أعرف بعد ..!!

مال الكلب علي أذني الحمل و قال له بصوت منخفض : سأقول لك سرا عدني أن لا تقوله لأحد و إلا سأعضك في "ليتك" الصغيرة عضة تتذكرني بها بقية حياتك
ثم أردف : لقد كنت مثلك في يوم من الأيام حتي أصبحت كلبا لحراسة القطيع

نظر إليه الحمل باستنكار : كنت حملا مثلي ؟!  مستحيل  ....  !!

تنهد الكلب و شرد ببصره يتذكر الماضي و يقول : هذا ماكان حتي اكتشفوا أنني لست منتجا فلا صوف و لا لبن و أن بي شراسة غير معهودة في الحملان و أرفض تناول الأعشاب حتي جاء يوم هاجم فيه ذئب القطيع فطرده الراعي و لكن النعجة كانت قد ماتت و عندما عاد الراعي وجدني آكل من لحمها و كنت صغيرا لا أعرف ما أفعل فوجد الراعي أن أفضل شئ أن يدربني علي حمايتكم و هذا لا يمنع أن آكل من يموت منكم !!
الآن و قد عرفت سري لا أريد أن أعيد عليك تنبيهي بحفظ السر و ربما ستصبح مساعدا لي في يوم من الأيام

رد عليه الحمل بجدية : اطمئن و انتهت أسئلتي لك و بقي سؤال آخير ...

رد الكلب باستفسار : ما هو ؟

تمأمأ الحمل و قال : أنت الآن تأكل اللحم و ربما لحم النعاج الميتة فماذا تفعل في الأيام العادية الآمنة و التي لا يوجد فيها ذئاب ؟

رد عليه الكلب بلهجة تجمع بين الحزم و الصرامة : عملي هو حمايتكم و الأخطار دائما موجودة و لذلك فعملي لا ينتهي و يكفي أن أنبح ليشعر الراعي بالخطر و يعطيني مزيدا من اللحم ، حتي لو اضطره هذا أن يذبح بعضا من القطيع الذي لا ينتج الصوف أو اللبن ولا يمكن لأحد أن يعمل مثلي أو أن يكون في مثل خبرتي و لذلك يتم التخلص منهم و خصوصا الذين لا يريدون الاندماج مع القطيع ... (ثم نظر للحمل نظرة ذات مغزي) و يتساءلون عن مواضيع غريبة !!

أجفل الحمل و ابتعد و هو يمأمأ و يقول : انتهت أسئلتي ... انتهت أسئلتي

ذهب الحمل مبتعدا لا يلوي علي شئ و يلتفت خلفه بين الحين و الآخر و كأن ذئاب الدنيا تطارده فإذا به يتعثر في الثور الذي كان في إجتماع مع ثلاثة و هم الجحش (الحمار الصغير)  و الطحش (الحمار الأوسط )  و الحمار الكبير

أخرج الثور دفعة هواء قوية من منخريه و هو يخور : ما الذي أتي بك هنا أيها الحمل ؟

رد الحمل بارتباك : أنا آسف جدا .. هل قاطعت شيئا ؟

رد الجحش محاولا أن يلطف الجو : كنا في اجتماع حاليا ... هل تريد شيئا ؟

وجدها الحمل فرصة مواتية ليحصل علي جواب شافي لأسئلته فقال : كنت أريد أن أسأل : كيف هو المستقبل ؟ و ما هو دوري فيه ؟

رد الطحش بسرعة : المستقبل دائما يعتمد علي الأرقام و الاحصائيات و مع زيادة أعداد القطيع سيحتاج الأمر مجهودا أكبر في الانتقال من مكان لمكان و لذلك قمنا بهذا الاجتماع لمناقشة جهود النقل و توزيع المهام و خصوصا بعد تواتر الأخبار عن احتمالية إنشاء قطيع جديد من الأبقار (ثم غمز بعينه ) و قال : سيكون لصديقنا الثور هنا الدور الأكبر في تنمية هذا القطيع .. أليس كذلك يا سيدي الحمار الكبير ؟

رد الحمار الكبير منهقا : إييييئئ أاااائئ إييييئئ أاااائئ

ثم أردف الطحش قائلا : و ربما يكون لك دورا معنا إذا أظهرت مهارة في علوم إدارة الأغنام و تطوير الصوف و زيادة الحليب فربما تكون جحشا معنا أو تكون إمكانياتك كبيرة في العمل الدؤوب بلا انقطاع فتصير ثورا

رد الحمل باستنكار : كيف هذا و أنا حمل ؟

رد عليه الثور و هو يهز قرنيه : كلنا كنا مثلك و لكننا كنا لا نحب انتاج الصوف و اللبن لأنه يحتاج إلي مجهودات كبيرة و لذلك وجدنا أن من  الأفضل تنمية مهارات أخري لدينا تعجب راعي الأغنام و لذلك أخترت أنا القوة و العمل بلا انقطاع و اختارت الحمير هنا الصبر و التحمل و هذا يتيح لنا الراحة لبعض الأوقات التي تكون فيها الأمور مستقرة و لا نعمل إلا في حالة الانتقال إلي مرعي جديد أو تنويع قطاعات القطيع مثل قسم الأبقار الجديد الذي سأكون "راكبا" عليه أو في أسوأ الأحوال يمكن لراعي الأغنام تأجير مجهوداتنا بالخارج ليحصل علي أجورنا  و من الممكن أيضا أن نعود لإنتاج الصوف و اللبن لدي الناس الخارجيين إذا استلزم الأمر المهم إن تمر الأزمة بسلام و راعي الأغنام يرحب دائما بخبراتنا و كفاءتنا المعروفة و المطلوبة دائما في القطيع

تكلم الحمار الكبير أخيرا و قال : لا تنسي أن أي قرار و القرار الأخير بيد راعي الأغنام

رد الحمل متسائلا : و لكني لاحظت مؤخرا أن هناك نعاج كثيرة من القطيع اختفت و لولا معدل الزيادة السريع في المواليد لهلكنا .. فماذا الذي يحدث ؟

نظر الثور و الحمير لبعضهم نظرة ذات مغزي ثم تحسس الثور رقبته و قال : إن راعينا القديم قد اختفي و ظهر مكانه راعي جديد لا يصبر علي مكاسب الصوف و اللبن و يريد مكاسب سريعة من بيع اللحم و لذلك أسميناه (ثم نظر حوله في خوف) سميناه ذابح الأغنام بدلا من راعي الأغنام

رد الحمل منهيا المحادثة قائلا: شكرا جزيلا لكم سأترككم الآن لتكملوا اجتماعكم و أذهب لحال سبيلي

و انصرف الحمل الصغير و قد قرر في نفسه قرارا حاسما لمستقبله

قرر أن يتعلم كيف يكون منتجا و ينتج صوفا و لبنا و يساعد الآخرين علي الانتاج و أن يكون مثل راعيه القديم يساعد الآخرين علي الانتاج و الحياة و في النهاية فالصوف و الحليب هو الذي ينفق علي الكلاب و الثيران و الحمير و حان الوقت ليعود بالنفع علي النعاج أنفسهم و لذلك عاهد الحمل الصغير نفسه أن يظل منتجا كالنعجة قائدا كالكبش يحمي نفسه و قويا كالثور صبورا كالحمار يساعد الآخرين علي الانتاج كراعي الغنم و لا يتوقف عن الانتاج في نفس الوقت




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق